عندما يَتورطُ الإنسانُ بعالمٍ ..!

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

تورطّ رجل مع أحد العلماء في رحلة عبر البر وكان هذا العالم ينشد ضالة ، ويفتش عنها منذ
أمد بعيد، هذه أصل القضية !

والتفصيل كما يلي : صاحب الرجل ذلك العالم ، وفي أثناء الطريق بادره العالم بالسؤال

التالي : هل عندك سلَّم ؟!

أجابه الرجل باستغراب: لا، وقال في نفسه : لعل هذا الرجل مجنون ما حاجته الى سلَّم وهو
في هذه الصحراء ..

قطعا مسافة حتى وصلا أرضا مزروعة ، فسأله العالم : هل أكل اصحاب هذه المزرعة ما زرعوه
او لم ياكلوه ؟!

قال الرجل في نفسه : أن هذا سؤال غريب وصاحبه ذو طور عجيب ، ألا يرى ان هذا النبات لا يصلح
لاكل الانسان ، وانه عشب للحيوانات . نظر الى العالم شرزا ، وهو يقول في نفسه : حقًا لقد
تورطت في هذه السفرة مع رجل أحمق !!

وهكذا واصلا طريقهما حتى اقتربا من القرية ، فشاهدا جنازة يحملها مشيعون . فشيعا الجنازة معهم حتى حضرو دفن المتوفى و قرءا سورة الفاتحة على روحه، وبينما كانا يرجعانمن المقبرة
القى العالم هذه المرة سؤالا على صاحبه اكثر عجبا :
هل الذي شيعناه ميت أو حي ؟!!

وهنا لم يتحمل الرجل حاقة صاحبه ( العالم ) فالتفت اليه قائلا ..
أنت مجنون ، الم نشيعه ونحضر دفنه ، ونقرا الفاتحة على روحه ؟ ما هذا السؤال الطائش ؟!

سكت العالم ، وهو مطأطأ رأسه ، حتى دخلا المدينة التي يسكنها الرجل ، التفت اليه العالم وقال:
انني غريب في هذه المدينة ولا أعرف أحدًا ، فإن ترغب في الثواب خذني معك إلى منزلك وسوف لا
اقيم عندك كثيرا ..

لم يكن امام الرجل المتورط الا ان يتحلى بالصبر على هذا البلا ؟! فأخذه الى بيته وارشده الى حجرة الضيافة ، ثم دخل على اهله ..

سألته ابنته : ماذا جلبت لنا من هدايا السفر ؟

اجابها الاب : جلبت معي عالما جاهلا !

قالت البنت : كيف عرفته جاهلا اذا كان عالما .؟!

قال الاب : عرفته من اسئلته التي سالني بها في الطريق !

البنت : وما تلك الأسئلة يا أبي ؟؟

عدد لها تلك الاسئلة الغريبة الثلاثة

ولكن الرجل ازداد غرابة و تملكته الحيرة لما قالت له ابنته : يا أبة ، انها اسئلة رجل حكيم !
إنك لم تدرك الإجابة ، فتخيلتها اسئلة طائشة و أنه رجل جاهل !!

وبينما كان الأب يصعب عليه استيعاب الموقف كان في الوقت نفسه مشتاقا اشد الشوقالى معرفة الحقيقة وفك هذا اللغز العجيب الذي كاد أن يسلبه عقله . وهكذا أخذ الأب يصغي الى ابنته العالمة
التي اخذت تشرح له فحوى كلام العالم : ان مقصوده من السلّم هو القصص الجميلة ، لانها سلّم
الطريق وتسلية تذهب بالتعب . والزرع هل اكله اصحابه ام لا ؟ يقصد هل اصحاب الزرع غرسو الزرع
باقتراض من احد ؟ فيعني انه ليس لهم فيه نصيب ، اذ عليهم تسديد القرض ، ام غرسوه بلا اقتراض
فهذا يعني انهم سوف ياكلون الحصاد و الفائدة بأنفسهم لا يشاركهم فيها أحد غيرهم . وعن الميت
هل هو ميت أم حي؟ يقصد هل له من بعده أولاد صالحون أو لا ؟ لأن الإنسان عندما يموت يبقى
حيًا بأولاده الصالحين ، وينتهي ذكره إن لم يكن له ولد صالح يدعو له ..

هنا عاد الرجل الى ضيفه الحكيم يعتذر منه ، اذ كان يجهل فحوى أسئلته ، فأخذ يجيبه عليها .

ولكن العالم الحكيم قال : هذه الاجابات ليست منك ، أظنها من غيرك ..!

قال الرجل : نعم انها من بنتي ..

ففرح العالم لأنه عثر على ضالته !! فلم يمهل الرجل حتى صارحه قائلا :

انني ابحث عن مثل هذه الفتاة منذ أمد بعيد.. أرجو أن توافق على زواجي منها ..

وافق الرجل بالطبع ، ورضيت ابنته العالمة بهذا الزواج الكفؤ .. ونحن نقول لأمثالهما :

(( بالرفاء و البنين )) !

تـــــــمت

المصدر : كتاب قصص و خواطر

المؤلف : عبد العظيم المهتدي البحراني

حيث قيل في هذا الكتــــــاب :-

عبد العظيم المهتدي أكرم به أدبٌ و أخلاقٌ و فكرٌ باهرُ

جمع الفضائل والكرامات التي تُنمى الى العلماء وهي مفاخر ُ

أحيا التراث بسعيه و بجهده فله الهنا وله الثناء العاطرُ

ولسوف يبقى في الخواطر ذكرهُ بكتابه قصص لنا وخواطر

تسلمين لنا والله يعطيك الف عافيه

الله يسلمك نورتي